الخميس، ٦ كانون الثاني ٢٠١١

النقاد السينمائيون ...هل يستطيعون صنع مهرجان ؟


لننظر الى المهرجان من حيث هو لقاء حضاري كبير منظم ، من حيث هو حضور فعال للثقافة الفيلمية  تلاقح وحوار افكار ومن حيث هو امتداد لصناعة السينما ومساحة لسوق الفيلم ، من حيث هو قمة ثقافية ومن حيث هو سوق للفيلم  ومن حيث هو منتدى للحوار ،ومن حيث هو سطوع اعلامي كبير ، ومن حيث هو ساحة للتنافس وسباق نحو الأنتشار والشهرة ، ومن حيث هو اجتماع  للنجوم وبريق وترويج وبساط احمر ، لكن قد يتحول او يختصره او يفهمه البعض  عل انه  مجرد صالة عرض وجمهور.. حتى لو عرضت  الأفلام في نسخ (دي في دي) معدة للعرض المنزلي ، لكن ذلك يخالف المهرجان من حيث هو ذروة ثقافية تتجدد كل عام وفيه مساحة واسعة للحوارات والندوات ، لورش العمل لكن هنالك من مازال من المنظمين الأداريين وحتى اليوم يفهم الندوة على انها مجرد (اسقاط فرض مهرجاني ) بما يمكن الضيف من الحديث كما يحلو له  وحسبما يشتهي ، المهم ان يسد الفراغ ويختال على البساط الأحمر ، ولذلك اسرفت تلك الممثلة التي مازالت تقاوم الشيخوخة بأرادة لاتلين ، اسرفت في الحديث في احد المهرجانات عن طفولتها الجميلة ولماذا (ماما) اطلقت عليها ذلك الأسم وهي طفلة حتى انتهت الندوة وهي لما تزل تتوسع في تلك القصة الأثيرة الى قلبها ، مثال من امثلة كثيرة وعديدة قد تعود الى سوء الأدارة اوقلة الفهم لمعنى وفلسفة المهرجان والندوات المصاحبة  ...في المقابل ليست نهاية المطاف  ان يخطئ ايا كان  ، لكن الخطأ لابد ان يتبعه اخذ درس ليتبعه تصحيح للخطأ..في وسط هذا تأتي  دعوة الناقد الأستاذ سمير فريد لأقامة مهرجان متخصص بالسينما العربية ، وهذه الدعوة يطلقها عشية انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي ، وهو يؤمن بضرورة ان تضطلع القاهرة بمثل هذا المهرجان ، ليس ذلك فحسب بل انه يدعو الى ان يقوم بأمر هذا المهرجان النقاد السينمائيون وذلك عندي هو الأمر الأهم في دعوته مادفعني للتعليق عليها الآن ، وهو يأتي بقائمة بأسماء زملاء نقاد مصريين ...ولست هنا في وارد مناقشة اقامة مهرجان من هذا النوع وتحت هذا الأسم وفي القاهرة و لكن وفي كل الأحوال  ماالمانع من اقامته اذا ما توفرت الظروف والأمكانات الا ان مالفت نظري في دعوة الأستاذ سمير هي تلك الوقفة الموضوعية المتوازنة التي تمنح الثقة الكاملة للنقاد بأن يصنعوا مهرجانا لأنهم يدركون ماهي حقيقة المهرجان ومافلسفته وماهي العيوب المتكررة المعروفة في كثير من المهرجانات ، ليس ذلك فحسب بل ان الأستاذ سمير فريد يأتي على ذكر مجموعة من النقاد جلهم من جيل الشباب الذي اثبت حضوره في الساحة النقدية وهي مسألة حضارية مهمة ان يقدم الجيل السابق جيلا جديدا ويشيد به بمزيد من نكران الذات والموضوعية وهي ايضا مسألة نادرة ان تجد مايعرف ب (حوار الأجيال) وهو ينتقل الى اوساط نقاد السينما العرب ..والحقيقة التي لانقاش فيها ان مسألة التسليم بتعاقب الأجيال والترحيب بالأجيال الجديدة هي حقيقة  كونية قبل اي شيء آخر ولايستطيع ايا كان ايقافها لأنه بذلك كمن يوقف حركة الكون كما انها مسألة حضارية يمكننا ان نتعلمها ممن سبقونا من الغربيين الذين يعقب بعضهم بعضا ويرفع بعضهم يعضا ويشيد يعضهم ببعض بلا حسد ولا غيرة ولا انانية ولكن على اساس المهنية والجدارة...كلمة الأستاذ سمير فريد تثير سؤالا مهما هو : هل ان النقاد السينمائيون جديرون بمهمة اقامة المهرجان ؟ وقبل الأجابة المتعجلة بنعم او لا ، فأن المسألة تتعلق بتصحيح الصورة المرتبكة  وغير المتوازنة ، النقاد جديرون في فهم قيمة المهرجان في كونه ميدانا خصبا للثقافة السينمائية و في كونه قمة للمبدعين ومناخا ابداعيا تتوازى فيه العروض الفيلمية مع الغاية الجمالية والأبداعية منها ، الأتساع نحو راهن السينما والأسئلة المشروعة المرتبطة بمهام الناقد كعين راصدة وعقل واع قادر على التعبير عن جوهر فلسفة المهرجان ..الجرأة المطلوبة هي في ان يبرز هذا الوجود النقدي ، وجودا جمعيا لافرديا ، وان ينتظم في جميع التظاهرات السينمائية ، واعتقد ان كلمة الأستاذ سمير فريد تأتي في الوقت الصحيح تماما ولتفتح صفحة جديدة لقراءة الواقع النقدي العربي والأفصاح عن وجود جيل او اكثر قادر بشكل جماعي على صنع المهرجان بكل جدارة او في الأقل تقديم الرؤية الصحيحة والمتوازنة والواعية ومن ثم  الحضور الفاعل فيه كمرحلة اولى.

 د.طاهر علوان
عن موقع ورشة سينما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق