الخميس، ٦ كانون الثاني ٢٠١١

في اشكالية العلاقة بين الصحافي وبين الناقد السينمائي


د.طاهر علوان
مما لاشك فيه ان ثمة صلة مهمة تربط مابين الصحافي والناقد السينمائي ، مابين النقد السينمائي كعملية ابداعية وبين الصحافة السينمائية ، يضاف لذلك ان الوسيلة الأتصالية التي يتعامل معها الناقد السينمائي هي غالبا الصحافة بأشكالها :المكتوبة والمرئية فضلا عن صحافة الأنترنيت ...ومع تأسيس الأتحاد الدولي لنقاد السينما العرب برزت امامنا هذه الثنائية اكثر من ذي قبل :الناقد السينمائي / الصحافي ، وهل وكيف سيعتمد الأتحاد معاييرا معينة للتمييز بين الصحافي وبين الناقد السينمائي ؟...وقبل الخوض في هذا الموضوع المهم والحيوي لابد من القول بدءا انه ليس المقصود ان تجرى اية عملية (عزل ) متعمدة للصحافي الذي يكتب في وعن السينما بمستوى محترف ، فصله عن عمل الناقد السينمائي ، لكن في الوقت نفسه لايمكن ان يحل احدهما محل الآخر بسبب التخصص في حقل محدد هو النقد السينمائي ، اذا مسألة (العزل) غير واردة في اذهان من اسسوا هذا الأتحاد وسآتي الى ذلك بشيء من التفصيل ...اذ لابد من التأكيد ان رسوخ ووضوح وظيفة الناقد السينمائي سيتمخض عنها بكل تأكيد وستنتج معايير محددة لتوصيف من هو الناقد السينمائي ومن هو غير ذلك كتحصيل حاصل ..يضاف الى ذلك ان هنالك حقيقة لاخلاف عليها وهي ان الناقد السينمائي لابد له من وسيلة اعلامية يمارس من خلالها عمله النقدي ومن ذلك الصحافة المطبوعة او المرئية او صحافة الأنترنيت ، وبذلك دخل الناقد السينمائي في ميدان الصحافة من زاوية اخرى ومن مقترب آخر..ولهذا ليس مستغربا ان تسمى بعض الأتحادات في العالم باتحادات النقاد السينمائيين العاملين في الصحافة ...لكن النقطة المهمة والتي من الضروري تأكيدها هنا هي اهمية التفريق بين الصحافي الذي يكتب في كل ميدان وحقل وتخصص : من السياسة الى الأقتصاد الى قضايا المجتمع الى اخبارالحوادث ...الى غير ذلك وبين الصحافي الذي يتخصص في الصحافة السينمائية ، هنالك من شغله ان يعيد صياغة البيانات الأعلامية والأعلانية واخبار النجوم وهذا تزوج وتلك طلقت وهذه سافرت وتلك اعتزلت ... هذا النوع من الصحافة اليومية السريعة والمتابعات الخبرية لاعلاقة لها من بعيد ولامن قريب فيما نحن فيه وثم فرق بينه وبين من يكتب في السينما بانتظام وعلى قدر من العمق والرصانة ......مهمة الأتحاد هي استقطاب الذين يكتبون في السينما ويتمتعون بقدر معقول من المنهجية والحرفية ، وبالطبع هذا هو رأيي الشخص الذي يتفق مع رأي اغلب الزملاء وقد يختلف مع وجهة نظر اي شخص آخر ، لكن ثمة مسألة اخرى تبدو كاريكاتورية وهي القلق من ان يكون تأسيس هذا الأتحاد سببا في (قطع ارزاق) بعض الصحافيين في السفر للمهرجانات كما جاء ذلك في رسالة متسرعة من عضو احدى جمعيات النقاد السينمائيين المحلية كتبها لنا مؤخرا ، بمعنى ان ذلك الزميل قد رسم في ذهنه قصة خيالية وخرافية مبنية على وساوس وشكوك من ان الأتحاد الدولي لنقاد السينما العرب ربما يخطط لأصدار قائمتين يوجههما الى المهرجانات واحدة بيضاء لمن تجب دعوتهم واخرى سوداء لأستبعاد آخرين لأنهم صحافيين ...بالطبع ان هذا وهم هو اقرب الى الخرافة وجهل بمشروع الأتحاد ووظيفته وهي فكرة بعيدة كل البعد عن الحقيقة بل هو خيال لايفكر الا بالمصلحة الشخصية بمعنى ان فكرة ذلك الزميل تتلخص في القول : (مرحبا بالأتحاد مادام لايتعارض مع مصلحتي الشخصية ) وانا ضده مادام خلاف ذلك . ولتوضيح الأمور اكثر اقول : ان الأتحاد يؤمن بأن يكون في جميع النشاطات السينمائية وجودين متوازيين يتمثلان بوجود النقاد السينمائيين الملحوظ والفاعل من خلال ندواتهم ومؤتمراتهم ومناقشاتهم في موازاة وجود الصحافيين الذين ينقلون اخبار فعاليات هذا النشاط السينمائي او ذاك الى الصحيفة او المجلة او القناة الفضائية التي يعملون فيها : يجرون اللقاءات ويكتبون بعض التغطيات الصحافية ويلتقطون صور النجوم او الضيوف وهذا عمل لايمكن ان تتخلى عنه المهرجانات او اي نشاط سينمائي بأي حال من الأحوال وهو مفروغ منه لأن النشاطات السينمائية وخاصة المهرجانات تريد لها اداراتها ان تكون معلومة امام الرأي العام وان تظهر نفسها على خريطة المهرجانات وان تتنافس مع غيرها ..لكن ان يطغى احدهما على الأخر او يلغيه اي ان يطغى الصحافي على الناقد السينمائي ويكون بديلا عنه او يغطي او يشوش على عمله وتخصصه فهذه بكل تأكيد مسألة غير صحيحة ومرفوضة كليا وآن الأوان للوقوف وقفة جادة ازاءها بسبب استفحالها وتحولها الى ظاهرة من خلال الكم الكبير من الصحافيين وحتى بعض المبتدئين منهم في مقابل غياب او تغييب تام او شبه تام للنقاد السينمائيين سواء اكان ذلك التغييب متعمدا او لا...ولهذا مادام وجود الصحافيين حقيقة قائمة وموجودة وحضورهم ملحوظ : اذا آن الأوان ان يكون للنقاد السينمائيين وجودهم وحضورهم الحيوي والفاعل والملحوظ وان يسمون بتخصصهم: (نقاد سينمائيون) وبأسمائهم واشخاصهم فلا ضرر ولاضرار...هذه هي الحالة التي يسعى الأتحاد للوصول اليها كواحدة من مهماته لوضع الأمور في نصابها وتصحيح تلك الفوضى غير الخلاقة ..واعتقد جازما ان مشروعا حضاريا واعيا وايجابيا لن يظر احدا ولن يقف في وجه احد ولن ينال من جهد احد بل بالعكس سيضع النقاد السينمائيين ومنهم المرموقين والمتخصصين والمتمرسين في مكانهم الصحيح الذي يجب ان يكونوا فيه فيما يواصل الصحافيون مهامهم كما هي ..وكل بأسمه وصفته وكل في حقل تخصصه وميدانه..
د.طاهر علوان
 عن موقع ورشة سينما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق